إحصائيات العمل التطوعي في السعودية: نمو متسارع وتأثير مستدام

٧ نوفمبر ٢٠٢٤
محمد الثبيتي
إحصائيات العمل التطوعي في السعودية: نمو متسارع وتأثير مستدام

تشهد المملكة العربية السعودية نمواً غير مسبوق في مجال العمل التطوعي، محققة قفزات نوعية في أعداد المتطوعين وتنوع المجالات وحجم التأثير المجتمعي، وتأتي هذه النهضة التطوعية متماشية مع رؤية المملكة 2030 التي تستهدف الوصول إلى مليون متطوع، في إطار سعيها لتعزيز المشاركة المجتمعية وتحقيق التنمية المستدامة.


نمو العمل التطوعي في المملكة: مؤشرات وأرقام

شهد العمل التطوعي في المملكة تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفع عدد المتطوعين المسجلين في المنصة الوطنية للعمل التطوعي من 71 ألف متطوع في عام 2016 إلى أكثر من 850 ألف متطوع بنهاية عام 2023، هذه الزيادة الكبيرة تعكس نجاح جهود المملكة في تعزيز ثقافة التطوع وتنظيم العمل التطوعي.


وقد سجل المتطوعون السعوديون أكثر من 42 مليون ساعة تطوعية خلال عام 2023 وحده، بقيمة اقتصادية تقدر بنحو 1.2 مليار ريال سعودي، محتسبة وفق معايير منظمة العمل الدولية، هذه الساعات توزعت على مختلف المجالات التطوعية، مع تركيز خاص على:


  • المجال الصحي: 28% من إجمالي الساعات التطوعية.
  • المجال الاجتماعي: 25% من الساعات.
  • المجال التعليمي: 20% من الساعات.
  • المجالات الأخرى: 27% من الساعات.


توزيع الفرص التطوعية في القطاعات المختلفة

تتنوع الفرص التطوعية في المملكة لتشمل مختلف القطاعات، حيث يسجل القطاع غير الربحي النصيب الأكبر من المشاركة التطوعية بنسبة 45% من إجمالي الفرص المتاحة، وتتوزع بقية النسب على القطاعات الأخرى كالتالي:


القطاع الحكومي يستحوذ على 35% من الفرص التطوعية، مع تركيز خاص على المجالات الصحية والتعليمية والخدمات الاجتماعية، أما القطاع الخاص فيساهم بنسبة 20% من الفرص، مع توجه متزايد نحو المسؤولية الاجتماعية للشركات والمؤسسات.


المنصة الوطنية للعمل التطوعي: إنجازات وأرقام

تمثل المنصة الوطنية للعمل التطوعي نقطة تحول محورية في تاريخ العمل التطوعي بالمملكة العربية السعودية، منذ إطلاقها في عام 2020، نجحت المنصة في إحداث نقلة نوعية في تنظيم وتوثيق العمل التطوعي، محققة إنجازات غير مسبوقة على المستويين الكمي والنوعي.


تكشف إحصائيات المنصة عن تسجيل أكثر من 42,500 فرصة تطوعية خلال عام 2023 وحده، موزعة على 3,200 جهة معتمدة، هذه الفرص أتاحت للمتطوعين المساهمة في مشاريع تنموية متنوعة، حيث تم إنجاز 15,800 مبادرة تطوعية خلال نفس العام، وبلغت نسبة رضا المستفيدين من خدمات المنصة 92%، وهو مؤشر يعكس جودة الخدمات المقدمة وفعالية النظام الإلكتروني.


مساهمة المرأة السعودية في العمل التطوعي

تمثل مشاركة المرأة السعودية في العمل التطوعي قصة نجاح استثنائية تستحق التوقف عندها، فقد ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في العمل التطوعي من 27% في عام 2020 إلى 48% بنهاية عام 2023، محققة بذلك قفزة نوعية تعكس التمكين الحقيقي للمرأة السعودية في خدمة مجتمعها.

وتتميز المتطوعات السعوديات بتنوع مجالات مشاركتهن، حيث سجلن حضوراً قوياً في:

  • المجال التعليمي: 35% من إجمالي المتطوعات.
  • الرعاية الصحية: 28% من المشاركات.
  • التنمية المجتمعية: 22% من النشاط التطوعي النسائي.
  • المجالات التخصصية: 15% في مختلف التخصصات.


التأثير الاقتصادي والاجتماعي للتطوع في المملكة

يتجاوز تأثير العمل التطوعي في المملكة البعد الإنساني والاجتماعي ليشمل إسهامات اقتصادية ملموسة، فوفقاً لدراسات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، بلغت القيمة الاقتصادية للساعات التطوعية في عام 2023 ما يعادل 1.2 مليار ريال سعودي، هذا الرقم يحتسب على أساس متوسط قيمة الساعة التطوعية البالغ 28،5 ريال، وفقاً لمعايير منظمة العمل الدولية.


ويمتد الأثر الاقتصادي للتطوع ليشمل:

  • توفير 320 مليون ريال في تكاليف الخدمات الحكومية.
  • خلق 15,000 فرصة عمل غير مباشرة.
  • المساهمة في تنفيذ مشاريع تنموية بقيمة 850 مليون ريال.
  • دعم برامج التنمية المستدامة بما يعادل 2% من الناتج المحلي غير النفطي.


هذه الأرقام تؤكد أن العمل التطوعي في المملكة قد تجاوز مرحلة المبادرات العفوية ليصبح قطاعاً تنموياً فاعلاً يسهم في تحقيق أهداف رؤية 2030، ويعزز مكانة المملكة كنموذج رائد في العمل التطوعي المؤسسي على المستوى الإقليمي والعالمي.


مستقبل العمل التطوعي في المملكة وآفاقه المستقبلية

تقف المملكة العربية السعودية اليوم على أعتاب مرحلة جديدة في مسيرة العمل التطوعي، مدعومة بإنجازات ملموسة وأرقام موثقة تؤكد نجاح رؤيتها في تطوير هذا القطاع الحيوي، فالقفزات النوعية التي تحققت خلال السنوات الماضية، والتي تجلت في ارتفاع أعداد المتطوعين من 71 ألف إلى أكثر من 850 ألف متطوع، ليست سوى البداية لمرحلة أكثر طموحاً.


وتتجه المملكة نحو تحقيق أهداف استراتيجية تطوعية طموحة بحلول عام 2025، تتمثل في:

  • الوصول إلى مليون متطوع نشط.
  • مضاعفة القيمة الاقتصادية للعمل التطوعي لتصل إلى 2،5 مليار ريال.
  • رفع نسبة مشاركة القطاع الخاص في المبادرات التطوعية إلى 35%.
  • تطوير منظومة تدريب متكاملة تستهدف تأهيل 500 ألف متطوع.


هذه الأهداف تستند إلى قاعدة صلبة من الإنجازات المتحققة، وتدعمها منظومة متكاملة من التشريعات والأنظمة وأدوات التمكين، كما تعكس التزام المملكة بتعزيز دور العمل التطوعي كرافد أساسي للتنمية المستدامة، وركيزة مهمة في بناء مجتمع حيوي يتسم بالمشاركة الفاعلة والإيجابية.


وختاماً، يمثل العمل التطوعي في المملكة العربية السعودية نموذجاً متميزاً للتحول المؤسسي المدروس، الذي يجمع بين الأصالة في القيم والحداثة في الأداء، وبينما تمضي المملكة قدماً نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030، يبقى العمل التطوعي شاهداً حياً على قدرة المجتمع السعودي على العطاء والمبادرة والمشاركة الفاعلة في بناء مستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة.