آداب وداع رمضان.. كيف تختم الشهر الفضيل بأجمل ختام؟
هل وفيت هذا الشهر حقه؟ وهل تزودت منه بما يكفيك لمواجهة عناء الطريق؟
رمضان.. شهر الخير والبركات، وموسم العبادة والطاعات, ثلاثون يومًا مضت كالبرق الخاطف، حملت في طياتها أنفاس الرحمة، وعبق الغفران، وأريج الإيمان, فهل وفيت هذا الشهر حقه؟ وهل تزودت منه بما يكفيك لمواجهة عناء الطريق؟
إن وداع رمضان محطة مهمة، وفرصة أخيرة لاستدراك ما فات، وجبر ما انكسر، وتعويض ما قصَّر, فكيف السبيل إلى وداع هذا الضيف الكريم بأحسن ختام؟ وكيف نرتقي بأنفسنا في ساعاته الأخيرة، لننال شرف الفوز والنجاة يوم لقاء الله الكريم؟
في هذا المقال، سنبحر عبر آداب وداع رمضان، ونتزود بالنصائح والإرشادات، التي تعيننا على اغتنام أواخر الشهر الفضيل، والظفر بجوائز الرحمن في ذلك الموسم العظيم.
التوبة الصادقة..
مفتاح القبول وبوابة الوصول وأول ما ينبغي أن يحرص عليه المسلم في أواخر رمضان، هو التوبة الصادقة والرجوع إلى الله تعالى بقلب سليم, فلنراجع أنفسنا، ولنحاسبها على ما قدمت وما أخرت، ولنبادر إلى الاستغفار من كل ذنب أو تقصير, فالتوبة هي مفتاح القبول، وبوابة الوصول إلى رضا رب العالمين.
ولنستحضر في أذهاننا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" فيا لها من بشرى عظيمة، ومكرمة جسيمة، تمحو السيئات، وتبدل المعاصي حسنات فلنغتنمها في هذه الأيام المباركات، ولنجعل من رمضان نقطة تحول وبداية انطلاق نحو حياة الطاعة والاستقامة.
قيام الليل..
سلاح المؤمن وزاد المتقين وفي ليالي رمضان الأخيرة، يتسابق المؤمنون في قيام الليل وتهجد الأسحار، طمعًا في الأجر والمثوبة، واحتسابًا لليلة القدر المباركة فتلك الليلة التي هي خير من ألف شهر، تتنزل فيها الملائكة والروح، وتنشر فيها الرحمات والبركات.
فا تدع ليالي العشر تمر دون أن تنهل من خيراتها، وتغترف من بحور أجرها واجعل من قيام الليل سلاحك وزادك، تستمد به القوة والثبات، وتواجه به عقبات الحياة ومصاعبها واذكر دائمًا قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم".
الإنفاق والصدقة..
تجارة لن تبور وربح لن يخسر وفي أواخر رمضان، تتضاعف الحسنات، وتزيد الأرباح والمكاسب الإيمانية, فالإنفاق في هذه الأيام الفاضلة له مذاق خاص، وحلاوة لا توصف, فكم من صائم أدركته المنية، وهو يبذل الصدقات، ويتصدق على الفقراء والمساكين، فكان ذلك آخر عهده بالدنيا، وختام أعماله في هذه الحياة.
فلا تبخل بما وهبك الله من مال، وأنفق في سبيل الخير والإحسان، واجعل من الجمعيات الخيرية، وسيلتك لإيصال الصدقات إلى مستحقيها فتلك الجمعيات تحمل على عاتقها مهمة رعاية الأيتام، وكفالة الأرامل، وإغاثة المنكوبين، وهي تستحق منا كل دعم ومساندة ليستمر عملها و يكثر عطائها.
وتذكر دائمًا قول الله تعالى: ﴿مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة: 245]. فأي تجارة أربح من هذه، وأي صفقة أكثر ضمانًا من تلك؟
الدعاء..
سلاح المؤمن وملاذ المحتاجين وفي العشر الأواخر من رمضان، تُفتح أبواب السماء، وتُستجاب الأدعية، وتُقضى الحوائج فاحرص على الإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله تعالى، واسأله من فضله وكرمه، واطرق بابه في خشوع وإنابة
وليكن دعاؤك شاملاً لنفسك وأهلك، ووطنك وأمتك، واذكر إخوانك في الإنسانية من الفقراء والمساكين، والمرضى والمعوزين فالدعاء سلاح المؤمن، وملاذ كل محتاج ومكروب، به تُزاح الهموم، وتُكشف الغموم، وتُيسر الأمور.
السنن والنوافل..
وأجمل ما يودع به المسلم شهر رمضان، الحرص على السنن والنوافل، والمداومة على الأذكار والأوراد, فتلك الأعمال الصالحة هي رياض الصالحين، وبساتين المقربين، بها يزداد الإيمان، وتطمئن القلوب، وتسكن النفوس.
فاغتنم هذه الأيام المعدودات، واحرص على إحياء سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وانهج نهجه في العبادة والذكر والدعاء, واجعل من تلك السنن النبوية الشريفة، عدتك وذخيرتك بعد انقضاء رمضان، حتى تبقى على صلة دائمة بربك، وفي رحاب طاعته أبدًا.
بهذه الأعمال الجليلة، نختم شهرنا الفضيل، ونودع ضيفنا الكريم، على أمل اللقاء به من جديد، بعد عام من الاشتياق والحنين, فاللهم تقبل منا صالح الأعمال، واغفر لنا الزلات والهفوات، واجعل صيامنا وقيامنا وأعمالنا الخيرية والتطوعية، في ميزان حسناتنا يوم نلقاك.