العمل غير الربحي في السعودية عطاء ريادة وتنمية
على أرض الحرمين الشريفين، تتجسد أسمى معاني الإيثار والتكافل، وتتجلى أروع صور التضامن والتراحم بين أبناء المجتمع الواحد
لطالما كانت المملكة العربية السعودية منارة للعمل الخيري والإنساني، وملاذًا للراغبين في البذل والعطاء فعلى أرض الحرمين الشريفين، تتجسد أسمى معاني الإيثار والتكافل، وتتجلى أروع صور التضامن والتراحم بين أبناء المجتمع الواحد، والعمل غير الربحي، بوصفه أحد أهم روافد التنمية المستدامة، يحظى باهتمام بالغ وعناية فائقة من لدن القيادة الرشيدة في المملكة, فهو ليس مجرد نشاط هامشي أو ترف اجتماعي، بل ضرورة ملحة وركيزة أساسية لبناء مجتمع متماسك ومزدهر.
فما هو العمل غير الربحي؟ وما هي أبرز سماته ومقوماته؟ وكيف يساهم في تحقيق التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية؟ وما هو واقعه وآفاقه في المملكة العربية السعودية؟ تلك الأسئلة وغيرها، سنحاول الإجابة عنها في هذا المقال:
ماهية العمل غير الربحي وأهميته؟
العمل غير الربحي هو ذلك الجهد التطوعي المنظم، الذي يهدف إلى تحقيق نفع عام للمجتمع، دون السعي وراء الربح المادي أو المنفعة الشخصية, وهو يشمل طيفًا واسعًا من الأنشطة والمبادرات، في مجالات شتى كالرعاية الاجتماعية، والتعليم، والصحة، والبيئة، وغيرها.
وللعمل غير الربحي أهمية بالغة في تعزيز التنمية المستدامة، وتحقيق العدالة والتماسك الاجتماعي وسد الفجوات وتلبية الاحتياجات التي قد تعجز الحكومات عن تلبيتها بمفردها، وتوفر الدعم والمساندة للفئات الأكثر ضعفًا وهشاشة في المجتمع.
كما أن العمل غير الربحي يساهم في تمكين الشباب وصقل مهاراتهم، من خلال إتاحة الفرص لهم للتطوع والمشاركة في خدمة مجتمعهم وهو بذلك يعزز لديهم قيم المواطنة الفاعلة والمسؤولية الاجتماعية، ويعدهم ليكونوا قادة المستقبل ورواد التغيير الإيجابي.
واقع العمل غير الربحي في السعودية
تزخر المملكة العربية السعودية بتراث عريق وإرث متجذر في العمل الخيري والتطوعي، مستمد من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وقيم المجتمع السعودي الأصيل, ومع مرور الوقت تطور هذا العمل وأخذ أشكالًا مؤسسية وتنظيمية أكثر تقدمًا، تواكب متطلبات العصر وتستجيب لتحديات المرحلة.
واليوم، يشهد قطاع العمل غير الربحي في السعودية نموًا متسارعًا وتطورًا نوعيًا، بفضل الدعم اللامحدود من القيادة الرشيدة، والمشاركة الفاعلة من مؤسسات المجتمع المدني فوفقًا لإحصائيات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، يوجد في المملكة أكثر من 2000 جمعية ومؤسسة أهلية، تعمل في مختلف المجالات التنموية والإنسانية.
وتتصدر الجمعيات الخيرية المشهد في العمل غير الربحي السعودي، حيث تقدم خدمات جليلة ومبادرات نوعية، تلامس هموم المواطنين وتعالج قضاياهم ومن أبرز تلك الجمعيات، جمعية نافع للأعمال التطوعية، التي تأسست عام 2010، وتهدف إلى نشر ثقافة العمل التطوعي والعطاء في المجتمع.
جمعية نافع.. شريك في البناء وداعم للتنمية
تميزت جمعية نافع بمسيرة حافلة بالعطاء والإنجازات، وساهمت بدور بارز في تعزيز ثقافة العمل التطوعي والمسؤولية الاجتماعية في المجتمع السعودي فمن خلال برامجها المتنوعة ومشاريعها النوعية، استطاعت الجمعية أن تترك بصمة واضحة وأثرًا إيجابيًا في حياة كثير من الفئات والشرائح.
ففي مجال الإغاثة والمساعدات الإنسانية، كان لجمعية نافع دور رائد في تقديم الدعم والمساندة للمتضررين من الكوارث والأزمات، داخل المملكة وخارجها, ومن ذلك مشاركتها في برامج الإغاثة العاجلة لمنكوبي عزة وسوريا وتركيا، وتوزيع السلال الغذائية والمستلزمات الأساسية على الأسر المتعففة والمحتاجة.
أما في مجال التنمية المجتمعية، فقد أطلقت الجمعية العديد من المبادرات والمشاريع، التي تهدف إلى توفير الراحة لزوار بيت الله الحرام ومساعدتهم والعنااية بهم . ومن أبرز تلك المبادرات، برنامج "إفطار صائم"، الذي يوفر وجبات إفطار الصائمين في الحرم المكي الشريف للمعتمرين والزوار و اهالي مكة.
كما اهتمت جمعية نافع بالجانب التعليمي والثقافي، من خلال تنظيم الدورات التدريبية وورش العمل، التي تستهدف نشر الوعي بأهمية العمل التطوعي وتنمية المهارات القيادية لدى الشباب إضافة إلى رعايتها للمسابقات والفعاليات الثقافية، التي تعزز الهوية الوطنية وقيم الانتماء لدى الأجيال الناشئة.
آفاق واعدة ومسيرة مباركة
إن المتأمل لمسيرة العمل غير الربحي في المملكة العربية السعودية، ليدرك عظم الدور الذي يضطلع به هذا القطاع الحيوي في التنمية الشاملة والبناء المستدام, فهو يمثل شريكًا أساسيًا للدولة في تحقيق رؤيتها الطموحة 2030، ورافدًا مهمًا لجهودها في تمكين الإنسان وتحسين جودة الحياة.
ومع التوجه الاستراتيجي للمملكة نحو تنويع مصادر الدخل وتعزيز دور القطاع غير الربحي، فإن المستقبل يحمل في طياته الكثير من الفرص الواعدة والإمكانات الهائلة لهذا القطاع, فالدولة تضع كل ثقلها لدعم الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وتمكينها من أداء رسالتها السامية على أكمل وجه.
وفي ظل هذا المناخ الداعم والبيئة المحفزة، فإن العمل غير الربحي في السعودية مقبل على مرحلة جديدة من النمو والازدهار، يكون فيها سفيرًا للعطاء ورائدًا للتنمية، ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على الصعيد الإقليمي والدولي أيضًا.
وختامًا، فإن واجب الساعة يحتم علينا جميعًا، كمواطنين ومقيمين في هذا الوطن المعطاء، أن نتكاتف ونتعاضد في دعم مسيرة العمل غير الربحي، كلٌّ من موقعه وبحسب استطاعته. فلنكن جنودًا مخلصين في ميادين البذل والعطاء، ولنسخر طاقاتنا وإمكاناتنا لخدمة هذا القطاع الحيوي، سواء بالتطوع أو التبرع أو الدعم المعنوي.
ولتكن تجربة المملكة نبراسًا يهتدى به، ونموذجًا يحتذى في العطاء والبذل والإيثار, ولنستلهم من إنجازاتها الرائدة وأثرها الملموس، الدافع والإلهام لمواصلة درب التنمية والتمكين، حتى تظل رايات العمل غير الربحي خفاقة عالية، في سماء المملكة العربية السعودية، وطن الخير والعطاء والإحسان.