المستحقون للزكاة والصدقات في الإسلام: من هم الأصناف الثمانية الذين يستحقون مصارف الزكاة و الصدقة ؟
تتناول هذه المقالة أحكام الزكاة والصدقة في الإسلام، وتبين الأصناف الثمانية التي تجب فيها الزكاة كما ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم، وتوضح أهمية دفع الزكاة و الصدقة ابتغاء مرضاة الله. قال تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾.
الزكاة من أركان الإسلام الخمسة وهي فريضة عظيمة فرضها الله تعالى على عباده المسلمين، وقد حدد القرآن الكريم مصارف الزكاة وبين الأصناف الثمانية الذين يستحقون أخذ الزكاة، وذلك في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60].
فمن هم هؤلاء الأصناف الثمانية الذين تجب عليهم الزكاة؟ وما هي شروط استحقاقهم لهذه الفريضة العظيمة؟ دعونا نتعرف عليهم واحدًا تلو الآخر:
الفقراء والمساكين: يأتي الفقراء والمساكين على رأس قائمة مستحقي الزكاة، فهم أولى الناس بها لحاجتهم الشديدة وعوزهم، والفقير هو من لا يملك نصاب الزكاة ولا يجد ما يكفيه ويسد حاجته الأساسية، أما المسكين فهو من يملك شيئًا يسيرًا لا يكفيه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس المسكين بهذا الطواف الذي يطوف على الناس، فترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يسأل الناس شيئًا" [رواه البخاري ومسلم].
العاملون على الزكاة: وهم الذين يقومون بجمع الزكاة وتوزيعها على مستحقيها، فيأخذون من الزكاة بقدر عملهم وجهدهم فيها، وقد قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "إن الله جعل للعاملين على الصدقة نصيبًا منها، فمن عمل عليها فليأخذ، ومن لم يعمل فلا يأخذ"، فالعامل على الزكاة يستحق أجرة عمله منها، حتى وإن كان غنيًا، لأنه يأخذها مقابل عمله وليس لفقره.
المؤلفة قلوبهم: وهم الذين دخلوا في الإسلام حديثًا أو يرجى بعطائهم تأليف قلوبهم وتثبيتهم على الدين. فيعطون من الزكاة لتقوية إيمانهم وتأكيد ولائهم للإسلام والمسلمين، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم من الصدقات والغنائم ليتألفهم ويستميلهم للإسلام. ولكن بعد أن عز الإسلام وقوي أمره، سقط سهم المؤلفة قلوبهم من مصارف الزكاة عند كثير من العلماء.
في الرقاب: أي في تحرير الأرقاء وفك أسرهم، فتصرف الزكاة في مساعدة الأرقاء على دفع ما عليهم من مال لنيل حريتهم، أو في شراء العبيد وإعتاقهم، وقد حث الإسلام على تحرير الرقاب وجعله من أفضل أبواب البر والإحسان، فقال تعالى: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ﴾ [البلد: 11-13].
الغارمون: وهم الذين تحملوا ديونًا في غير معصية ولا إسراف ولا يجدون ما يسددون به ديونهم. فيعطون من الزكاة ما يكفي لسداد ديونهم ويخرجهم من الحرج والضيق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سأل الناس وله ما يغنيه، جاءت مسألته يوم القيامة شامة أو كدوحًا في وجهه، إلا رجلًا تحمل غرامة فحلت له المسألة، أو رجلًا أصابته فاقة فحلت له المسألة حتى يصيبها، ثم يمسك" [رواه أحمد والنسائي].
في سبيل الله: أي في الجهاد والدعوة إلى الله وإعلاء كلمته، فتصرف الزكاة في تجهيز المجاهدين ودعم المرابطين والدعاة وطلبة العلم، وقد كانت غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وبعوثه تمول بأموال الزكاة والصدقات، لأن الجهاد في سبيل الله هو ذروة سنام الإسلام وأعلى مراتب الإيمان.
ابن السبيل: وهو المسافر الذي انقطعت به السبل وتعذر عليه الوصول إلى بلده لعدم وجود النفقة الكافية، فيعطى من الزكاة ما يكفيه للوصول إلى بلده أو مقصده حتى وإن كان غنيًا في بلده، وقد جاء في الحديث: "لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغازٍ في سبيل الله، أو لعامل عليها، أو لغارم، أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهدى المسكين للغني" [رواه أبو داود].
هذه هي الأصناف الثمانية التي تستحق الزكاة بنص القرآن الكريم، ولا يجوز صرف الزكاة لغيرها إلا في هذه المصارف المحددة شرعًا، أما الصدقات التطوعية فيمكن إعطاؤها لهؤلاء الأصناف وغيرهم ممن يحتاجون إليها، كالأقارب والأيتام والأرامل والمنكوبين.
اقرا ايضا : الصدقة على الوالدين
وتكمن حكمة الله تعالى في تخصيص هذه الأصناف الثمانية لاستحقاق الزكاة، في تحقيق التكافل الاجتماعي وسد حاجة المحتاجين والضعفاء في المجتمع الإسلامي، فالزكاة تطهر نفس المزكي من الشح والبخل، وتزكي ماله وتنميه بالبركة، وتغني الفقراء وتسد خلتهم، وتقوي المجاهدين وتنصر دين الله.
إن أداء فريضة الزكاة والإكثار من الصدقات، سبب لمغفرة الذنوب وتكفير السيئات، واحرصوا على إيتاء الزكاة لمستحقيها من الأصناف الثمانية، فإن الله تعالى هو الذي تولى قسمتها وبين من يستحقها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله افترض عليكم الصدقة، فأداؤها إلى رسول الله والفقير المهاجر في سبيل الله، والمسكين ذي المتربة، وابن السبيل، وما أعطيتها إياهم فهم أهلها، وما أعطيتها لغيرهم فهي هدية وصلة" [رواه أبو داود]
وفي الختام لا يسعنا إلا أن نشيد بالدور الكبير الذي تقوم به الجمعيات الخيرية والجهات غير الربحية في المملكة العربية السعودية، ومنها جمعية نافع للأعمال التطوعية، في إخراج الصدقات والزكوات وصرفها في مصارفها الشرعية، فهذه الجمعيات المباركة تحرص كل الحرص على توزيع أموال الزكاة والصدقات على الأصناف الثمانية المستحقة كما حددها الله تعالى في كتابه العزيز، وتسعى جاهدةً لتحقيق مقاصد الشريعة في التكافل الاجتماعي ورعاية الفقراء والمحتاجين.
كان هذا شرح و تفسير بسيط لقوله تعالى : ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ وبيان أهل الزكاة ومستحقي الصدقات.