ماهو فضل الصدقة بالماء و لماذا هي أفضل الأعمال الصالحة؟

فضل الصدقة بالماء

الماء أساس الحياة، و بدونه لا يمكن للإنسان ولا الحيوان ولا النبات أن يستمروا في العيش. ولأن الإسلام دين الرحمة والإنسانية، فقد جاءت النصوص الشرعية مؤكدة على فضل الصدقة بالماء، معتبرة إياها من أعظم الصدقات التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى.


النصوص الشرعية التي ورد فيها فضل الصدقة بالماء:

لقد جعل الله من الماء كل شئ حي وجعله حياة لكل الكائنات ولا يمكن العيش بدونه، ولم يترك القرآن الكريم أي شيء لم يذكره فيه. حيث ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية نصوص عديدة تبين مكانة فوائد الصدقة بالماء وفضلها العظيم، ومنها:

في القرآن الكريم:

قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ [الأنبياء:30]، وفيه بيان أن الماء أصل الحياة، وبذله صدقة من أعظم أعمال الخير.

في السنة النبوية:

  • قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصدقة سقي الماء" (رواه أبو داود).
  • عن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال: "الماء" (رواه ابن ماجه).
  • وقصة الرجل الذي سقى كلبًا عطشانًا فغفر الله له وأدخله الجنة (رواه البخاري ومسلم).

هذه النصوص تؤكد أن فضل الصدقة بالماء ليست فقط عبادة عظيمة، بل هي من أعظم القربات التي يحبها الله، ويجعل أجرها ممتداً للمتصدق في الدنيا والآخرة.


أقوال العلماء في فضل سقيا الماء:

أجمع علماء الدين على أن سقيا الماء من أعظم الصدقات وأبقاها أثراً، لأنها حاجة أساسية لا يستغني عنها الإنسان ولا الحيوان:

  • قال ابن قدامة رحمه الله: "وأفضل ما تُصُدِّق به الماء؛ لأنه أصل المنافع، وبذله حياة للأنفس. "
  • وذكر النووي رحمه الله: "اتفق العلماء على أن سقي الماء من أعظم القُرَب، وأنه أفضل الصدقات. "
  • وقال ابن باز رحمه الله: "الصدقة بالماء من أحب الأعمال، ولها أجر عظيم؛ لأنها تنقذ العطشى وتسد حاجة الناس والدواب. "
  • كما نص ابن عثيمين رحمه الله على أن: "سقي الماء من الصدقة الجارية إذا كان في موضع ينتفع به المسلمون والدواب. "

هذه الأقوال تؤكد أن أهل العلم اعتبروا فضل الصدقة بالماء من أوسع أبواب الخير وأفضل أنواع الصدقة المستمرة التي تعود بالنفع على المتصدق في الدنيا والآخرة.


لماذا اعتبرت الصدقة بالماء من أعظم الصدقات؟

  • حاجة ضرورية للجميع: لا يستغني أحد عن الماء، فهو يدخل في كل تفاصيل الحياة، وبالتالي نفعه عام ومستمر.
  • دوام الأجر واستمراره: إذا وضع الماء في مواضع يحتاج إليها الناس أو نفذت مشاريع سقيا، أصبح صدقة جارية يتضاعف ثوابها ما دام الناس ينتفعون بها.
  • ارتباطها بإنقاذ الأنفس: إرواء العطشان قد يكون سبباً في حياة إنسان أو دابة، وهذا أجر عظيم لا يوازيه شيء.
  • ورود النصوص الشرعية: في الأحاديث النبوية ما يبين فضلها، مثل قصة الرجل الذي سقى كلباً فغفر الله له.
  • تحقيق التكافل الاجتماعي: الصدقة بالماء تخفف معاناة الفقراء والمسافرين وتشعر المجتمع بالتراحم والتعاون.

لهذا كانت الصدقة بالماء من أعظم أبواب الخير التي تجمع بين عظم الأجر، ودوام النفع، وسهولة العمل، وعموم الفائدة.



أثر الصدقة بالماء في حياة المحتاجين والمسافرين:

  • إدخال البهجة والراحة على قلوب المحتاجين الذين يشعرون بالعطش.
  • مساعدة المسافرين والحجاج والمعتمرين في المناطق الحارة.
  • تخفيف معاناة المجتمعات البعيدة عن مصادر المياه.
  • توفير مياه نظيفة يحمي الفقراء من الأمراض.


الصدقة بالماء وأجرها في مواسم العطش والحر الشديد:

تزداد أجر وفضل الصدقة بالماء في الأوقات التي يشتد فيها الحر ويعظم فيها العطش، حيث تتضاعف الحاجة إلى الماء ليكون شريان حياة للناس والحيوانات على حد سواء. قال العلماء: "كلما عظم الاحتياج للشيء، عظم الأجر في إعطائه"، وسقيا الماء في الصيف الحار أو في الصحاري الصعبة يعد من أعظم الصدقات.


دور سقيا الماء في تعزيز التكافل الاجتماعي:

  • قيم التعاون: عندما يشارك المسلم في مشروع سقيا ماء، فإنه يتعاون مع غيره في سد حاجة أساسية، فيتجسد مبدأ «وتعاونوا على البر والتقوى».
  • إزالة الفوارق الاجتماعية: سقيا الماء تصل للجميع دون تمييز، الغني والفقير، المقيم والعابر، مما يشيع روح العدالة والمساواة.
  • دعم العمل الجماعي: المبادرات الخيرية مثل جمعية نافع لسقيا الماء أو مشاريع وقف ماء تعكس وحدة المجتمع في خدمة أفراده، وتزيد من لحمة الناس بعضهم ببعض.
  • بناء الثقة بين الأفراد: رؤية نتائج مشاريع السقيا على أرض الواقع تخلق الثقة في العمل الخيري وتشجع على مزيد من المشاركة والتبرع.
  • نشر الرحمة والإنسانية: الماء رمز للحياة، ومشاركته مع المحتاجين والطيور والمسافرين يشيع جواً من الرحمة ينعكس إيجابياً على استقرار المجتمع وسعادته.

وبهذا تصبح فضل الصدقة بالماء أكثر من مجرد عمل خيري، بل مشروع حضاري يقوي الروابط الإنسانية والاجتماعية، ويجعل المجتمع متكاتفاً.


أثر الصدقة بالماء على المسلم في الدنيا والآخرة:

أثرها في الدنيا:

  • البركة في الرزق والعمر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما نقص مال من صدقة»، وسقيا الماء باب للبركة وزيادة الخير.
  • جلب الرحمة والرضا: من يسقي غيره يزرع الرحمة في قلبه ويكسب محبة الناس ودعائهم.
  • دفع البلاء: الصدقة بالماء من أعظم أسباب رفع البلاء والهموم عن العبد، فهي وقاية من المصاعب والشدائد.

أثرها في الآخرة:

  • أجر عظيم عند الله: الصدقة بالماء من الصدقات الجارية التي يستمر أجرها حتى بعد وفاة صاحبها.
  • مغفرة الذنوب: جاء في الحديث أن رجلاً غفر الله له بسقيه كلباً عطشان، فكيف بمن يسقي إنساناً أو أمة كاملة!
  • رفع الدرجات: كثرة أعمال الخير، وعلى رأسها سقيا الماء، سبب في رفعة العبد عند الله يوم القيامة.
  • النجاة من حر يوم القيامة: من يسقي غيره في حر الدنيا، سقاه الله من حوض نبيه صلى الله عليه وسلم يوم العطش الأكبر.


الأسئلة الشائعة:

هل يمكن التصدق بالماء عن الميت ونيل الأجر له؟

نعم، يجوز التصدق بالماء عن الميت، ويصل ثوابها إليه كصدقة جارية، وقد أجمع العلماء على أن سقيا الماء من أفضل القربات عن الأموات.


ما الفرق بين الصدقة بالماء الجارية والمؤقتة؟

الصدقة بالماء الجارية تكون دائمة الأثر مثل حفر بئر أو وقف ماء، أما المؤقتة فهي تقديم ماء للشرب لفترة محدودة مثل توزيع زجاجات أو أواني ماء.


هل الصدقة بالماء أعظم من التصدق بالطعام؟

الصدقة بالماء من أعظم الصدقات لأنها ترتبط بالحياة مباشرة، وقدمها النبي صلى الله عليه وسلم على غيرها، لكن الصدقة بالطعام أيضاً عظيمة ويختلف الفضل باختلاف الحاجة.


ما حكم الصدقة بالماء من أموال الزكاة؟

يجوز صرف أموال الزكاة في الصدقة بالماء إذا كانت لصالح الفقراء والمحتاجين الذين لا يملكون تكلفة الماء، أما المشاريع العامة فتكون من الصدقات والتبرعات.


كيف يمكن للإنسان ضمان استمرار أجر الصدقة بالماء؟

يمكن للإنسان ضمان استمرار أجر الصدقة بالماء عبر إنشاء وقف ماء دائم مثل حفر بئر أو تركيب برادات مياه في أماكن عامة، ليبقى الأجر جارياً.


في النهاية فضل الصدقة بالماء عمل عظيم يجمع بين عظمة الأجر وسعة النفع. فهي لا تقتصر على الإنسان فقط بل تشمل الحيوان والطير، مما يجعلها من أوسع أبواب الخير. ومع وجود مبادرات مثل جمعية نافع لسقيا الماء، أصبح من السهل المشاركة في سهم سقيا أو وقف ماء لضمان استمرار الأجر والثواب.