فضل الصدقة على الوالدين والأقربين من القرآن: إضاءات في تفسير الآية الكريمة

٢١ يونيو ٢٠٢٤
هبة
فضل الصدقة على الوالدين والأقربين من القرآن: إضاءات في تفسير الآية الكريمة

فضل الصدقة على الوالدين والأقربين من القرآن: إضاءات في تفسير الآية الكريمة

فضل الصدقة على الوالدين و الصدقة على الأقارب من خلال تفسير الآية الكريمة التي تسلط الضوء على أهمية الإنفاق عليهم ، وحكم الزكاة لهم وتبيان أنه يجوز إشراك الأقربين في الأجر والثواب

فضل الصدقة في الإسلام

الصدقة في القرآن الكريم

القرآن الكريم يوضح أهمية الصدقة وفضلها في العديد من الآيات, قال الله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ ۖ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ" (البقرة: 215), هذه الآية تبين أن أفضل الصدقة هي تلك التي تُعطى للوالدين والأقربين والفقراء والمساكين.

فضل الصدقة على الوالدين

الصدقة على الوالدين من أعظم الأعمال التي تُقرب العبد إلى الله وترزقهم القرب منه, فالوالدين لهم حق عظيم على أبنائهم، ومن أفضل الأعمال التي يمكن للإنسان أن يقدمها هي الإنفاق عليهم وتقديم الرعاية لهم, قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول" (رواه البخاري).


فضل إعطاء المال للوالدين: الأجر العظيم والتقرب إلى الله

إعطاء المال للوالدين من أعظم أنواع الإحسان والبر. ليس فقط أنه يساعد الوالدين في معيشتهم، بل هو طريق للرضا الإلهي وزيادة البركة في الحياة. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين". إن الإنفاق على الوالدين يُعتبر من أسمى الأعمال التي تؤدي إلى التقرب إلى الله، وينبغي للمسلمين أن يسعوا جاهدين لتحقيق هذا العمل العظيم من خلال توفير الرعاية المالية لهم.

فضل الصدقة على الأقارب

الصدقة على الأقارب في الإسلام

الصدقة على الأقارب تُعزز الروابط الأسرية وتزيد من المحبة والتآلف بينهم, عندما يُقدم الإنسان الصدقة لأقاربه، فإنه يحقق هدفين: مساعدة المحتاج وتقوية العلاقات الأسرية, قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة" (رواه الترمذي.

تفسير الآية الكريمة

تفسير الطبري

في تفسير الطبري للآية الكريمة "يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ ۖ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ" يوضح أن هذه الآية جاءت لتبيان أن الإنفاق يبدأ بالأقرب ثم الأقرب, فالوالدين هم أولى الناس بالإنفاق ثم الأقارب، وهذا الترتيب يعكس أهمية العناية بالأسرة والأقارب في الإسلام.

تفسير ابن كثير

ابن كثير في تفسيره لهذه الآية يؤكد على أن الصدقة على الوالدين والأقربين لها فضل عظيم وأجر كبير عند الله, ويوضح أن الله جل وعلا بيّن في هذه الآية أن أفضل الإنفاق هو ما يُعطى للوالدين والأقربين، لأنهم الأكثر حاجة والأقرب إلى الإنسان.

حكم الزكاة للأقارب

يجوز إخراج الزكاة للأقارب

يجوز إخراج الزكاة للأقارب إذا كانوا من الفئات المستحقة للزكاة مثل الفقراء والمساكين, قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أن الله قد افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، فترد في فقرائهم) (رواه مسلم), هذا الحديث يدل على أن الزكاة تُعطى للفقراء ولم يخص الأقارب و لكن من باب أولى إخراجها للأقارب المحتاجين.

الزكاة للوالدين

الزكاة لا تُعطى للوالدين لأنهم من الذين يجب على الأبناء الإنفاق عليهم بدون اشتراط الزكاة, ولكن يجوز إعطاؤهم من الصدقات التطوعية والهدايا.

أهمية الإنفاق على الوالدين والأقارب

الإنفاق على الوالدين

الإنفاق على الوالدين هو من أفضل الأعمال التي يمكن للإنسان أن يقوم بها, فهو يعكس مدى تقدير الإنسان لوالديه وإحسانه إليهم, قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين" (رواه الترمذي). مما يؤكد على أن الإنفاق على الوالدين يُعد من الأعمال التي ترضي الله وتزيد من بركة الحياة.

الإنفاق على الأقارب

الإنفاق على الأقارب يُعزز من الروابط الأسرية ويزيد من المحبة والتآلف, يُعطي الإنسان الصدقة لأقاربه ليُسهم في تحسين أحوالهم المعيشية وتخفيف معاناتهم, قال الله تعالى في كتابه الكريم: "وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ" (الإسراء: 26). هذه الآية توضح أن للأقارب حق في مال الإنسان وأن الإنفاق عليهم من الأمور المستحبة.

حكم الصدقة على المدين منهم

يجوز إعطاء الصدقة للمدين

يجوز إعطاء الصدقة للمدين إذا كان غير قادر على سداد ديونه, قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه" (رواه مسلم).

الصدقة على المدين تساعد في تخفيف أعباء الديون

إعطاء الصدقة للمدين يُسهم في تخفيف أعباء الديون عنه ويُساعده على سداد ديونه، مما يخفف من معاناته ويُحقق له الاستقرار المالي.

الصدقة عن الوالدين والأقارب: بر وصلة وهدية عظيمة

الصدقة كنوع من أنواع الوصل والبر

الصدقة عن الوالدين والأقارب تُعد من أسمى أنواع البر والصلة, إنها هدية عظيمة تعبر عن حب الإنسان لوالديه وأقاربه، وتجسد معاني الوفاء والاحترام لهم.

جمعية نافع للأعمال التطوعية

جمعية نافع للأعمال التطوعية قد وفرت مشاريع يمكنك من خلالها إهداء التبرع والصدقة عن والديك وأقاربك في مشاريع سقيا الماء لحجاج بيت الله الحرام, هذه المشاريع تتيح للمسلمين فرصة الاستفادة من الأيام الفضيلة في تقديم الخير والبر للوالدين والأقاربعبر العديد من المشاريع الخيرية في مكة المكرمة.


الاسئلة الشائعة

. هل تجوز الصدقة على الوالدين وهم أحياء؟

بعد أن تحدثنا عن فضل الصدقة على الوالدين، قد يتساءل الكثيرون: هل يجوز إعطاء الصدقة للوالدين وهم على قيد الحياة؟

الجواب هو أن الصدقة التي تُعطى للوالدين في حياتهم لا تُعتبر صدقة بالمعنى الشرعي؛ بل يُعد الإنفاق عليهم نفقة واجبة من الأولاد تجاه آبائهم. إن ما يُقدمه الأبناء لوالديهم من مال لا يدخل في باب الصدقة بل في باب البر والإحسان. ومع ذلك، يُعتبر ذلك عملاً عظيمًا يقرب الإنسان من الله ويُعزز علاقاته الأسرية.


2. الصدقة على الوالدين والأقارب: هل هي صدقة؟

الصدقة على الوالدين والأقارب تتفاوت في تصنيفها في الفقه الإسلامي. إذا نظرنا إلى الوالدين، فإن إنفاق المال عليهم يعد نفقة واجبة على الأبناء، ولا تعتبر صدقة بالمعنى التقليدي، حيث أن الزكاة لا تُعطى للأقارب الذين هم تحت نفقات الأبناء. لكن في حالة الأقارب الآخرين، مثل الإخوة والأخوات، يمكن اعتبار الصدقة عليهم عملاً صالحًا يحظى بأجر عظيم.

فالصدقة التي تُعطى للأقارب، مثل الأخوال أو الأعمام، تعتبر صدقة وصلة في الوقت ذاته، حيث أن لها دورًا في تقوية الروابط الأسرية والإنسانية.


3. هل إعطاء المال للوالدين يعتبر صدقة؟

الإجابة على هذا السؤال هي: لا، إعطاء المال للوالدين لا يُعد صدقة بمعناها الفقهي التقليدي. وإنما هو نفقة بر وإحسان، ويُعتبر ذلك من أسمى الأعمال التي تقرب العبد إلى الله. يُذكر في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول"، وهذه النفقة تُعتبر من أرقى صور الإحسان. لا يُشترط أن تكون من مال الصدقة أو الزكاة، ولكنها تعد جزءًا من طاعته لله ورضا الوالدين.


4. كيف تساهم الصدقة في تعزيز الروابط الأسرية؟

الصدقة، في جوهرها، ليست مجرد فعل مادي، بل هي عمل قلبي واجتماعي يساهم في تعزيز الروابط الأسرية. عندما يُعطي الإنسان صدقة لأقاربه، فإنه لا يساعدهم ماديًا فحسب، بل يعمق الصلة بينهم ويزيد المحبة والتآلف. هذا النوع من الصدقة يُعزز التكافل الاجتماعي ويخلق بيئة أسرية متماسكة، مما يؤدي إلى زيادة التلاحم بين أفراد الأسرة.


5. الزكاة للأقارب: هل يجوز إخراج الزكاة للوالدين؟

عند الحديث عن الزكاة، فإنها تُعتبر فريضة على المسلمين، ولكن يُشترط أن يُعطى المال للفقراء والمحتاجين الذين ليس لهم نفقة واجبة عليهم. وبالتالي، الزكاة لا تُعطى للوالدين إذا كانوا تحت نفقة الأبناء. لكن في حال كان الوالدان فقيرين أو بحاجة شديدة، يجوز إخراج الزكاة للأقارب المحتاجين إذا كانوا من مستحقيها، كما في الحديث النبوي الشريف: "تؤخذ من أغنيائهم وتُرد في فقرائهم".


6. الصدقة عن الوالدين: هل يمكن التصدق عنهم بعد وفاتهم؟

بالتأكيد، يُمكن التصدق عن الوالدين بعد وفاتهم، ويُعتبر ذلك من أعظم الأعمال التي تحقق لهم الثواب في الآخرة. إن الصدقة الجارية عن الوالدين من أفضل الهدايا التي يمكن أن تقدم لهم بعد وفاتهم. يمكن للإنسان أن ينفق على مشاريع خيرية، مثل سقيا الماء أو بناء المساجد، ويجعل ثوابها للوالدين، وبالتالي تحصد ثوابًا دائمًا لهما. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم يُنتفع به أو ولد صالح يدعو له".


في الختام، نجد أن فضل الصدقة على الوالدين والأقربين عظيم، وأنها تُسهم في تعزيز الروابط الأسرية وتخفيف معاناة الفقراء والمحتاجين, يجب على المسلمين أن يحرصوا على تقديم الصدقة لأقاربهم ووالديهم، وأن يسعوا لتحقيق التكافل الاجتماعي من خلال الإنفاق في سبيل الله, قال الله تعالى: "وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ" (البقرة: 272).

فلنسعَ جميعًا لتحقيق هذه القيم السامية من خلال الصدقة والإنفاق في سبيل الله والتقرب إلى الله بالتقرب لأعظم شخصين في حياة الإنسان وسبب وجوده في الدنيا, وفقنا الله وإياكم لما فيه خير المسلمين.