الجمعيات الخيرية في المملكة: كيف توصل الجمعية التبرعات للمستفيدين
حظي القطاع الخيري باهتمام بالغ من قبل القيادة الرشيدة، التي حرصت على تنظيم عمل كل جمعية خيرية وفق أطر قانونية وإشرافية محكمة، لضمان حسن أدائها لرسالتها الإنسانية النبيلة، وإيصال التبرعات إلى مستحقيها بكل أمانة وشفافية
تعد الجمعيات الخيرية من أهم الركائز التي تقوم عليها منظومة العمل الاجتماعي والإنساني في المملكة العربية السعودية, بما تقدمه من خدمات ومشاريع نوعية ومساهمتها في العطاء و التبرع، تسهم بشكل فاعل في تعزيز قيم التكافل والتراحم داخل المجتمع، وتلبية احتياجات الفئات الأشد حاجة, ولطالما حظيت بدعم سخي من لدن القيادة الرشيدة، التي حرصت على تهيئة البيئة القانونية والتنظيمية اللازمة لتمكينها من أداء رسالتها على أكمل وجه، وضمان وصول تبرعات المحسنين إلى مستحقيها بكل نزاهة وشفافية.
فمن خلال استقراء تاريخ العمل الخيري في المملكة، يتبين لنا أن أول جمعية خيرية تأسست على أرض المملكة كانت جمعية البر بمكة، وذلك في عام 1371هـ. ومنذ ذلك الحين، توالى إنشاء العديد من الجمعيات الخيرية في مختلف مناطق المملكة، حتى تجاوز عددها اليوم 381 جمعية مرخصة برقم من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية, وتغطي هذه الجمعيات طيفًا واسعًا من مجالات العمل الخيري والإنساني، بدءًا من رعاية الأيتام والأسر المحتاجة، ومرورًا بتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة، وصولاً إلى دعم قطاعات التعليم والصحة والإسكان وغيرها.
وفي ظل هذا التنامي الكمي والنوعي للجمعيات الخيرية، برزت الحاجة إلى وجود إطار تنظيمي محكم ينظم عملها ويضبط أداءها, وهو ما دفع الدولة إلى إصدار نظام المؤسسات الأهلية بموجب المرسوم الملكي الكريم رقم (م/8) وتاريخ 19/2/1437هـ. ويهدف هذا النظام إلى وضع الأطر العامة المنظمة للعمل الأهلي والخيري في المملكة، وتحديد شروط وإجراءات تأسيس الجمعيات الخيرية وضوابط عملها, كما نص النظام على إنشاء المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، ليكون الجهة المشرفة على أدائها، والساهرة على تطبيقها للأنظمة واللوائح ذات الصلة.
ووفقًا للنظام الجديد، أصبح لزامًا على جميع المنظمات الغير ربحية الجامعة للتبرعات والتي تقدم الخدمات الاجتماعية أو الخدمات الإلكترونية أن تكون مسجلة لدى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وحاصلة على ترخيص بمزاولة نشاطها. كما يجب أن يكون لكل جمعية كيانها الاعتباري المستقل، ونظامها الأساسي الذي يحدد رؤيتها ورسالتها ومجالات عملها وهيكلها الإداري وآليات صنع القرار فيها, وتخضع الجمعيات الخيرية لرقابة دورية من قبل المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، الذي يتولى مهمة التحقق من سلامة أدائها المالي والإداري، ومدى التزامها بمعايير الحوكمة والشفافية والمساءلة.
وحرصًا من الدولة على تعزيز ثقة المتبرعين بالجمعيات الخيرية، وطمأنتهم على وصول تبرعاتهم لمستحقيها، فقد ألزمت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية هذه الجهات بمسك دفاتر حسابية وسجلات مالية دقيقة، توثق كافة مواردها المالية ومصروفاتها، على أن تخضع هذه الدفاتر والسجلات للتدقيق والمراجعة من قبل جهات محاسبية معتمدة, كما يتعين على الجمعيات الخيرية إصدار تقارير دورية شفافة، تستعرض إنجازاتها ومشاريعها، وتكشف للمجتمع مصادر تمويلها وأوجه إنفاقها بكل تفصيل.
ولم يقتصر دور الدولة في تطوير القطاع الخيري على الجانب التنظيمي والرقابي فحسب، بل تعداه ليشمل تقديم الدعم المادي والمعنوي لهذا القطاع الحيوي. ففي إطار سعيها الحثيث لتمكين الجمعيات الخيرية، خصصت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية موازنات سنوية لدعم المشاريع التنموية لهذه الجمعيات، إلى جانب تغطية تكاليف تشغيلها وفق ضوابط محددة. كما أطلقت الوزارة بوابة إلكترونية موحدة للتبرعات، ميسرةً بذلك على المحسنين عملية التبرع للجمعيات الخيرية، مع ضمان وصول تبرعاتهم لمستحقيها دون عوائق أو تسربات.
وبفضل هذه الجهود المتكاملة، نجحت المملكة في تطوير منظومة متميزة للعمل الخيري المؤسسي، ترتكز على معايير الجودة والاحترافية والشفافية, فقد أسهم النظام الجديد للجمعيات في تعزيز قدرات هذه الجمعيات الإدارية والتنظيمية، وتحسين أدائها وتعظيم أثرها الاجتماعي والتنموي, كما أن الإشراف الحثيث من قبل المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي قد عزز ثقة المانحين والمتطوعين في الجمعيات الخيرية، بوصفها مؤسسات تتمتع بالنزاهة والمصداقية, الأمر الذي أدى بدوره إلى زيادة حجم التدفقات المالية والبشرية التي توجهت للعمل الخيري في السنوات الأخيرة.
وتمثل تجربة جمعية نافع للأعمال التطوعية و مقرها الطائف, أحد أبرز النماذج المشرفة للجمعيات الخيرية في المملكة, فهذه الجمعية منذ تأسيسها أسهمت بشكل كبير في تطوير أعمال البر والخير، وسدت احتياجات المجتمع عبر عدد من المشاريع والمبادرات النوعية, وقد حظيت الجمعية بدعم سخي من المحسنين والمتطوعين، عكس ثقة المجتمع بها والتزامها بأرقى معايير الجودة والمهنية في تقديم خدماتها للمستفيدين.
وفي هذا السياق، تبرز أهمية توظيف التقنية الحديثة في خدمة العمل الخيري، وتسهيل عملية جمع التبرعات وإيصالها للمستفيدين, فقد أطلقت العديد من الجمعيات الخيرية منصات إلكترونية متطورة، تتيح للمتبرعين التواصل معها وتقديم الدعم بكل سهولة ويسر, ومن أبرز هذه المنصات منصة نافع التي أطلقتها جمعية نافع للأعمال التطوعية، وهي منصة شاملة لإدارة مشاريع الصدقة والعطاء, حيث تتيح هذه المنصة للمتبرعين الاطلاع على البرامج والمشاريع التي تنفذها الجمعية، واختيار ما يناسبهم منها للتبرع، كما تتيح لهم متابعة تبرعاتهم و كيفية إنفاقها, وتعد هذه المنصة واحدة من أنجح التجارب في مجال جمع التبرعات إلكترونيًا، حيث استطاعت في فترة وجيزة استقطاب آلاف المتبرعين، وجمع التبرعات لدعم و تنفيذ برامج المساعدات الإنسانية التي تقدمها الجمعية.
وإذ نثني على التقدم الكبير الذي أحرزته الجمعيات الخيرية في السنوات الأخيرة، فإننا ندعو لمزيد من التكاتف المجتمعي معها، ودعم جهودها الإنسانية الجليلة والدعم للخدمات الاجتماعية التي تقدمها للفئات المحتاجة, فلا شك أن الجمعيات الخيرية هي ثروة وطنية بامتياز، وشريك أساسي للدولة في تحقيق التنمية والرخاء الاجتماعي من خلال تنظيمها لعملية جمع تبرعات وعطاءات المتبرعين وتنظيم عملية توزيع وايصال هذه التبرعات للمستفيدين, و وكلما ازددنا دعمًا لهذه الجمعيات، سواء عبر التبرعات المالية أو العمل التطوعي، كلما تمكنت من أداء رسالتها على أكمل وجه. وفي المقابل، تؤكد الحكومة التزامها المستمر برعاية وحماية هذه الجمعيات، وتوفير الدعم اللازم لها، حتى تواصل عطائها وعملها.
وختامًا، فإننا على يقين بأن الجمعيات الخيرية في المملكة العربية السعودية، بما تمتلكه من كفاءات بشرية وكوادر احترافية، ومن خلال ما تقدمه من مشاريع نوعية ومبادرات رائدة، ستبقى دومًا مصدر فخر واعتزاز للوطن والمواطنين, فكل التقدير والامتنان للقيادة الرشيدة على رعايتها الكريمة للعمل الخيري والإنساني، ولكافة المتبرعين والمتطوعين في الجمعيات الخيرية على بذلهم وعطائهم، ولكل من أسهم ويسهم في إيصال الخير والنفع إلى كل محتاج, ونسأل الله أن يبارك في الجهود، ويضاعف الأجر ويجزل العطاء.
كيف اتبرع للجمعيات الخيرية؟
كيف اتبرع للمحتاجين؟
كيف اتبرع كل يوم بريال؟